متفرقات

شبابيك” يستقطب الناس لما يحتويه من شمولية لكافة الأشغال اليدوية الجميلة .. الأستاذة نغم حسيب عواضة ..

بعض الناس تصنع من الضعف قوة تكافح , تحارب تنتصر .. كل ما في الأمر ان لديهم ارادة الإنتصار , وإيمان ان من طلب العلى ادركه ولو بعد حين .

ليس صحيحا انه لا يوجد عمل , وليس صحيحا ان ابواب الإرتزاق مقفلة , كل ما في الأمر مطلوب ان تشغل عقلك ويكون لديك طموح وارادة …

كنت ادردرش مع احدى الصديقات (ر.ح.جحا) عن الأعمال الحرفية فأعلمتني انها أخضعت نفسها لدورة تدريبية في محترف اسمه ( شبابيك ) في منطقة تول في النبطية , وحدثتني عن هذا المحترف وصاحبته فما كان مني الا امسكت هاتفي واتصلت برئيسة موقع زبدين الأستاذة غوى قبيسي عارضا عليها فكرة اجراء حوار مع صاحبة المحترف فلبت مشكورة الطلب على وجه السرعة بعد ان اتفقنا على الموضوع وبعض تفاصيله ولنبقى مع شبابيك  وصاحبته نغم حسيب عواضة …

تربيت على يد والد أمضى عمره بالعمل الإجتماعي وورثت الحس الفني عن والدتي التي لا يمكنني أن أكون فنانة مثلها
الأستاذة نغم حسيب عواضة:
“شبابيك” يستقطب الناس لما يحتويه من شمولية لكافة الأشغال اليدوية الجميلة
نشجع المواهب الفنية وندّرب من لا يعرف ماذا يشتغل
عملنا تشبيك بين كل الفعاليات المنتجة والتسويقية بكوننا صلة الوصل بين المنتج والمستهلك
عندما فكرت بتعلم الكروشية ظننت لوهلة بأنني لن أستطيع أن أمسك الصنارة
من “شبابيك” نطل من المستقبل على الماضي وتراثه المهدد بالإنقراض

فتحت عينيها على العمل الإجتماعي وحب العطاء الذي تعلمته من والدها الحاج حسيب عواضة حتى أصبح جزءًا من حياتها، وتذوقت الفن من والدتها السيدة فاتن كنفاني فتآلفت مع روعة التنسيق ووهج الألوان وعطرها لتزيل الهموم وتزرع الأمل، ومن الجنوب ورثت صلابة الإرادة وعزة الكرامة ومعنى أن تكون حرًة متفردًة، هي “نغم” الفتاة المتوقدة طموحًا، لا تكّن ولا تمل ولا تهدأ، وهي تبحث عن وسائل ممكنة وتبتكر أساليب عملية لتساعد أسر محتاجة، ولتوقظ مواهب مدفونة في نفوس صبايا وشباب يبحثون عن شباك يطلون منه على واقع أفضل، فأقامت الدورات التدريبية لتحض المحتاجين على تعلم مهنة يعتاشون منها بشرف وكرامة، ففتحت “شبابيك” مشروع الحلم على مصراعيه تطل منه على الماضي تستنبط من التراث جماله المعطر برائحة الحنين والذكريات الجميلة، فيه تستقبل فيها عشاق الفن إنتاجًا وتسويقًا.. فأصبح واحة متميزًة تعمل على تحسين الذوق الفني، وتشجيع السيدات على إستغلال الوقت بالعمل المفيد بدلًا من الزيارات والثرثرات الصباحية باشغال فنية لتزيين البيوت بلمسات ذات قيمة عملية ومادية، لتصبح “شبابيك” سوقًا لسيدات البيوت وطالبات الجامعات ولكل من يريد أن يزيد من مداخلية المادية في زمن القحط والأزمات الإقتصادية التي نعيشها.


الفكرة مثيرة للإعجاب بكافة جوانبها المادية والمعنوية.. لذا كان لنا حوار ممتع مع “نغم عواضة”.. الصبية التي تضح حيوية كنوتة موسيقية تعزف الحان التفاؤل والسعادة والفرح الذي برأيها نستطيع صنعه بإرادتنا مهما اشتدت حولنا الظلمة سوادًا..
*كيف كانت بداية مشروع “شبابيك”؟
تربيت على العمل الإجتماعي التطوعي، وقد وجدت من خلال مشاركتي بالكثير من الأنشطة وتنظيم المحاضرات بجمعية “هيئة الخدمات الإجتماعية” التي يترأسها والدي، أن هناك مجموعة من الصبايا وربات بيوت يعشن وضعًا ماديًا سيئًا جداً، لا يعملن شيئاً وعندهن مساحة من أوقات الفراغ، فبدأت أفكر بطريقة تنقذهن من العوز ولو بمصروفهن، ومن فكرة لفكرة وصلنا إلى مشروع “شبابيك” الذي من خلاله نقوم بتأمين المواد الخام من خيطان وأقمشة وخرز وزجاج للرسم، ونقيم دورات تدريبية للذين لا تعرفون ماذا يشتغلون.


*هل كانت لديك الخلفية الفنية لمثل هذه الإبداعات؟
أنا مدرسة لغة إنكليزية، امتلك النظرة الفنية والأساس لبعض الأعمال التي أحبها. لكنني أستطيع القول أنني ورثت هذا الحس عن والدتي التي لا يمكنني ان أكون مثلها لأنها فنانة في تنسيق الورود في حديقتنا وشرفات منزلنا وفي إتقانها الأشغال اليدوية البديعة الألوان والأشكال، كنت أرسم رسومات صغيرة، ومن ثم تعلمت الكروشيه وشيئًا فشيئًا أصبحت أتقن الكثير من الأشغال، ومن قناعتي بالفكرة أستطعت أن أوقظ قدرات كامنة في نفسي، وأجاهد في التعلم والتعليم. فعندما فكرت بأن أتعلم الكروشية ظننت لوهلة بأن ذلك صعب جدًا وبأنني لن أستطيع أن أمسك ا لصنارة، وكيف لي أن أنجز كل هذه الأشغال البديعة والرائعة؟!! لكن عندما بدأت وأنجزت أشياء جميلة، قلت في نفسي أن كل إنسان يستطيع أن يتعلم، وقد يكون الكثير مثلي يتوهم صعوبة العمل. وشعرت بأنه ليس هناك مستحيلًا، فإذا لم تجد السيدة نفسها بالخرز قد تجدها بالصوف، أو بالرسم، عليها أن تجرب أكثر من حرفة شغلة حتى تجد العمل الذي تبدع فيه.


*هل تعملون على إستغلال الأشياء التي ترمى في النفايات؟
بالفعل عملنا على الإستفادة من أشياء بدل من رميها، كما أشتغلنا مع جمعيات مثل جمعية “تمكين” جمعية “الأمداد للمعوقين” بحيث نصّرف لهم أنتاجهم حتى يستفيد الأولاد المعاقين، فعملنا هو تشبيك بين كل الفعاليات المنتجة والتسويقية، بكوننا صلة الوصل بين المنتج والمستهلك، نطل عبر “شبابيك” على المجتمع ليستفيد كل إنسان حسب قدراته وإحتياجاته.
*كيف بدأت فكرة إختيار إسم شبابيك؟


من “شبابيك” نطل من المستقبل على الماضي، نحن اليوم نعيد التراث، مشروعنا يشمل المونة والفخار والتطريز والكروشيه والقش وهي أشياء قديمة كانت على حافة الإنقراض، نحن حاولنا تفعيلها وإنتشالها من النسيان ووضعها في صدارة بيوتنا وإستعمالاتنا اليومية لما تملكه من جمالية وتميز وسلامة.


*هل استفادت الفئات التي كانت من ضمن أهداف مشروعك؟
أستفاد الكثير الذين من مشروعنا، منهم أرامل والبعض الذين ليس لديهم مدخول مادي، أو أن مدخولهم قليل لا يكفيهم،عندما يبيعون بمئتين أو ثلاثمائة ألف ليرة لبنانية كمدخول إضافي يكون ذلك مهمًا بالنسبة لهم.
*هل شبابيك تحمل صبغة تجارية أو محض إنسانية؟
طبعًا هناك جانب تجاري يؤمن إستمراريتنا، “شبابيك” مشروع ربحي رمزي، فانا أبيع المواد الخام مثل الخيطان والخرز وغيرها بسعر أرخص كثيراً من السوق، مما يسعد كل المتعاملين معنا، ومع هذا أحقق ربحًا ضئيلًا يساعدني على الإستمرارية، لكن ربحي الأكبر والأحلى هو مساعدة العائلات المستورة التي هي الهدف الأساسي والأسمى للمشروع.

 
*كيف تسوقين الفكرة خاصة للذين لم يعرفون هذه الحرف اليدوية؟
هناك الكثيرين الذين يقدرون هذه الحرف اليدوية، ونحن نعمل على تحسين الذوق الفني لدى البعض الذين لا يملكونه.
*ما الهدف من الدورات التي تنظمونها في “شبابيك”؟
هدفنا تأمين مداخيل لبعض العائلات تساعدهم على الحياة الصعبة التي نمر بها، حتى ولو أقتصر تدريب الفتيات على إهتمامهن ببيوتهن، إضافة إلى أن بعض طالبات الجامعة يحتجنّ مصروفًا لثيابهن وغير ذلك، فمن خلال هذا العمل يؤمنّ دخلًا مقبولًا، وتدريباتنا تتيح للسيدات والطالبات أن يعملن في بيوتهن، ويأتين بأعمالهن إلى “شبابيك” لعرضها وبيعها لهن!، وإذا اردنّ العمل في “شبابيك” أهلًا وسهلًا بالجميع، فالباب مفتوح لكل من ينتج عملًا جميلًا، أنا أتحمل مسؤولية تسويق هذه الأعمال في المحل وفي كافة وسائل التواصل الإجتماعي مثل الأنستغرام والفيسبوك والتويتر وهم عليهم فقط تقديم أعمالًا جميلة.
*هل أشتركتم بمعارض للأشغال اليدوية؟
شاركت بمعرض في بلدة الطيبة الجنوبية وهو الأول، كانت تجربة جيدة ومنتجة ولكنني أحتاج إلى طاقم عمل أكبر لأنني لا أستطيع أن أنجز كل ذلك لوحدي، وهذا من ضمن مخططاتنا المستقبلية بالتأكيد. وأنا أعمل في مهنة التدريس معلمة لغة إنكليزية وعندي موظفة واحدة في المحل وفترة عملنا لم تتجاوز السنة. كما أن الوقت لم يساعدني للمشاركة بمعرض أرضي بالضاحية الجنوبية.


*لكن من المهم جدًا نشر فكرة مشروعك؟
أحلم بأن يكون في كل قرية فرع لـ”شبابيك”، وأنا على أستعداد لأن أرسل مدربين لتدريب من يريد على الكروشية والتطريز والرسم على الزجاج والحرق على الخشب، والخياطة وصناعة الشمع والصابون والحلويات على أنواعها والمونة والمربيات وبالتالي نسوق منتوجاتهم، وهذا أعتبره عملًا نظيفًا منتجًا وجميلًا ومرتبًا.. شخصيًا متفائلة جدًا من الغد، ليس هناك ما يمنع أن نؤسس “شباك النبطية” و “شباك مرجعيون” و “شباك حاصبيا” وغيره، فهذا مشروع كبير يستحق ان ينجح لأن فيه شق إنساني كبير ومهم. وأحب أن أذكر أن عدد الذين تدربوا والذين يعرضون أعمالهم في شبابيك ويستفيدون من بيع إنتاجهم تخطوا السبعين شابًا وصبية.


*ما هو دور الشباب في الأشغال اليدوية؟
الشباب يطرزون ويرسمون ويدقون مسامير التشبيك وبعضهم يصنع “كوانين الفحم وكوانين الخشب”.
*هذا التنوع من بنات أفكارك أو أنها تتوالد مع المشاهد الحياتية وإحتياجاتها؟
الأثنان، أنا مطلة دائمًا على كل نواحي العمل والحياة، أحيانًا أعرض على بعض الصبايا الذين لا يعرفون ماذا يعملون أفكارًا عملية، كما أتجاوب وأشجع وأطور أي أفكار عند الصبايا والشباب. بشكل عام نستطيع أن نعتبر أن “شبابيك” بداية عمل إنساني خيري نجاهد ليتحول إلى حالة تفيد وتنمي الحس الفني عند الناس، لعلهم يتخلصوا من تضييع الوقت في الصبحيات والثرثرة عند الجيران والصديقات، من أجل الإستفادة والإفادة. وشخصياً أشتغل لنفسي ولأولادي شالات وكفوف وكل ما يحتاجه بيتي رغم كل مشاغلي. *”شبابيك” بعيدة عن السوق والتجمعات، الا يشكل المكان مشكلة في التسويق؟
عندما تنتجين عملًا مميزًا يقصدك الناس من آخر الدنيا، يقصدونني من بشامون ومن بيروت وكافة المناطق اللبنانية لكي يشتروا ويتدربوا، صحيح “شبابيك” بعيد عن السوق لكنه يستقطب الناس لما يحتويه من شمولية لكافة الأشغال اليدوية الجميلة.


*كلمة أخيرة للمجتمع؟
نصيحة لكل سيدة وفتاة وشاب أن لا يشعر أحد منهم أنه من دون فائدة، كل منا يستطيع أن يعمل كل شيء إذا نحن أردنا، ليس من مستحيل والعمر لا يقف عند طموح وليس من عيب، التدريب يسهل الصعب، قد نكتشف لدينا موهبة نبدع فيها ولم نكن نعرفها من قبل. وحسب قدراتي أنا مستعدة لمساعدة ودعم أي إنسان يريد أن يعمل. كل وقتي خارج وظيفتي لـ”شبابيك” ابقى للسادسة وفي الصيف للثامنة، وأيام العطل.


كما تحدثنا مع السيدة سامية زريق مدربة أشغال يدوية في “شبابيك” وكانت مشغولة أيضاً بالتطريز الناعم الجميل لونا وشكلًا.. وقالت:
معروضات “شبابيك” هي مجموعة من الأشغال التي يتشارك فيها العديد من المهتمين بإحياء التراث، خاصة من النساء اللواتي فتحنا لهن مجالًا للعرض وقد كنّ قبل “شبابيك” يبقين أشغالهن الجميلة في بيوتهن، فينسجن لأحفادهن أو لبناتهن أو لأنفسهن شالًا أو هدايا لصديقاتهن، اليوم يشتغلن ويعرضن أعمالهن هنا ونحن نبيعها، والحمدلله رغم الأوضاع الصعبة التي نعيشها يعتبر البيع جيداً، النساء يعملن في بيوتهن ويشترين المواد الخام من عندنا، الزبائن أحبوا هذه الأشغال التي نشطت من جديد وأصبحت مطلب الكثير من الصبايا وكبار السن الذين كانوا يتباهون بالمخدات المطرزة والساتان بألوانه الجميلة، وأذكر عندما تزوجت أن أمي طرزت لي كل جهازي من شراشف وبيوت مخدات وعلمتني لأكمل حاجياتي في بيتي، وعندما ولدت إبنتي الكبيرة طرزت وخيطت كل جهاز طفلها. ولا ننكر أننا حالياً نفتقد هذه الأشغال التي غابت عن بال الناس الذين يتكلون اليوم على الأعمال الجاهزة التي لن تكون أبدًا مميزة كما الأشغال اليدوية التي تنبض فنًا وروعة. وتضيف السيدة سامية قائلة: اليوم بدأت تعود هذه الأشغال ولكن بشكل آخر، فقد كنا نستعمل الطارة المصنوعة من خشب الخيزران لكل أشغال التطريز، أما اليوم نستعمل الطارة لمرة واحدة بحيث تصبح كادرًا جميلًا للقطعة المطرزة داخلها، بحيث يتم إقفالها وتعليقها ونكتب عليها عبارات لعيد الأم أو عيد المعلم أو عيد العشاق أو أي إسم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى