ما هي وجهة سياحة اللبنانيين الجديدة؟
ما هي وجهة سياحة اللبنانيين الجديدة؟
قديما كانوا يقولون: إصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب. اليوم باتوا يرددون: خبّئ قرشك الأبيض الى يومك الأسود، وبين بين تغيّرت العادات عند كثير كثير من اللبنانيين. فماذا علينا أن نتوقع بعد؟ هل استفاد اللبنانيون من فترة عيد الفطر، كما أيام زمان، وسافروا الى تركيا أو قبرص أو شرم الشيخ أو الأردن ليمضوا إستراحة العيد؟ هل أصبحت وجهة سفر اللبنانيين، في أقصى الطموحات، سوريا؟ هل ارتدّ اللبنانيون الى السياحة الداخلية أم أن أقصى حلم عند الفرد اللبناني بات أن يسافرنحو مصير جديد؟
أعلنت سوريا، من خلال «مكاتب سفرياتها»، عن رحلات سياحية الى دمشق وبلودان والزبداني ومعلولا وأرواد وتدمر وطرطوس واللاذقية وحلب وصيدنايا وقلعة صلاح الدين وأماكن تصوير باب الحارة… وكشفت، بفائض من التباهي، عن أرقامها السياحية الجديدة. سوريا ضخّمت تلك الأرقام كثيرا لتقول: أنا هنا! وأنا في قلب المعادلة السياحية من جديد! لا نصدق طبعاً كل ما تقوله سوريا الأسد هناك ولا أتباع سوريا هنا.
هي أول مرة من زمان نسمع فيها من يتحدث عن تحسن. لكن، هل لذلك سبب وجيه؟ من ساح في لبنان في الأسبوعين الماضيين، في خلال الأعياد، وقصد أحد المطاعم، بعدما ملأ خزان سيارته بتنكتي بنزين، وقدم لأولاده منقوشة صباحاً وقرن بوظة عصراً، تمنى لو وضعهم جميعاً في الطائرة وساح بهم في مدينة إسطنبول. الأسعار هنا نار. أحدهم قصد مع زوجته وولديه مدينة صيدا أول أيام الفطر.
تمشى على الكورنيش البحري. ودخل ظهراً الى إستراحة صيدا. طلب نرجيلة وقنينة مياه كبيرة على عجل. نظر صوب البحر ثم في لائحة الطعام أمامه فجحظت عيناه. النرجيلة 155 ألفاً. قنينة المياه المعدنية 50 ألفاً. تنكة المشروبات الغازية 50 ألفاً. صحن حمص بطحينة صغير 95 ألفاً. جاط التبولة 175 ألفاً. وطبعاً «الهريبة» تلتين المراجل. بئس هذا الزمن. حجة العاملين في المطعم أن أسعارهم محددة من «السياحة». خرج «المحتفي بالأعياد»، الذي حاول أن يفرح.
وسأل عن كلفة الدخول الى قلعة صيدا البحرية فأتاه الجواب: 2500 ليرة لبنانية على الشخص الواحد. لمعت عيناه فرحاً وأمضى مع عائلته طوال النهار يسوحون.
من يمسكون الرقاب والعباد يتحدثون عن أن «عيش اللبناني» بعد الأزمة لن يكون أبداً كما قبلها. «فلقونا» بذلك. إنهم يخبروننا أن الحياة لن تليق بعد اليوم إلا بالمغتربين ومن يتقاضون أجورهم بالعملة الصعبة. وها هم اللبنانيون يحاولون الصمود. والسؤال، هل محاولة الصمود هي نوع من التأقلم؟ ما يحصل في لبنان يحصل هو نفسه في سوريا. ويبدو، أن هناك من يحاول أن يجعل سياحة الشعبين تقتصر على البلدين.
أحد سائقي مكاتب السياحة والسفر بين سوريا ولبنان يجيبنا قبل أن نسأله: «الوضع ميّت» ويشرح «ما حدا قادر بقا لا يروح ولا يجي. أما أكثر من يأتون الى لبنان فهم من الإخوان العراقيين. يصلون الى هنا وغير مسموح لهم الإنتقال من لبنان براً الى سوريا من دون تأشيرة سبق وحصلوا عليها من السفارة السورية في بغداد. هذا إجراء جديد إعتمده السوريون عند الحدود، مع العلم أن العراقيين الآتين عبر الحدود العراقية – السورية يعبرون الى سوريا بلا تأشيرة». يضيف: «هناك عروضات كثيرة ظهرت قبيل عيد الفطر وشملت إقامة مدة سبعة أيام في لبنان
«كاملة مكملة» بسعر 700 دولار أو أقل. والعراقيون أتوا شباباً «غروبات»لا ضمن عائلات».
ماذا عن السياحة بين لبنان وسوريا في الأعياد؟ يجيب اللبناني آدم المسؤول عن مكتب سفريات: «اللبناني الذي كان ينزل الى سوريا مرتين في الشهر صار يذهب مرة كل شهرين. كلفة النزول الى الشام 10 دولارات والعودة 10 دولارات. وغالبية من يذهبون حالياً من اجل السياحة الدينية لا للتسوق كما في السابق. كل شيء في سوريا أصبح أغلى من لبنان».
ويستطرد: «كثيرون يرغبون ربما بالذهاب لكنهم يخافون مع العلم أن الشام أمان. وأسبوعياً، في نهاية كل أسبوع بالتحديد، ينزل الى هناك نحو 15 بولمان. وتستغرق الرحلة أقله ست ساعات، بينها أربع ساعات إنتظار على الحدود ذهاباً ومثلها أياباً. هناك موظف واحد يعمل عند الجمارك اللبنانية، وفي أحسن الأحوال يرتفع العدد الى إثنين، وهناك أربعة عند الجمارك السورية. وما يلفت أيضاً أن كل الطريق، في الداخل اللبناني، محفرة، مرقعة، أما الطريق، ما بعد الحدود اللبنانية – السورية، نحو الداخل السوري،
فمعبدة. أكثر من ذلك، الطريق في سوريا لم تقفل يوما جراء الثلوج أما طريق ضهر البيدر فلنا معها، نحن سائقي البولمان، صولات وجولات».
يبدو أن معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين، سوريا ولبنان، تزهو اليوم أكثر من أي يوم. وذلك على حساب الشعبين البائسين، مع فارق أن الأسد – الإبن يحاول أن يقول للعالم «عادت سوريا» في حين أن «الزعماء» اللبنانيين ينتظرون إلتفاتة من مكان ما، من شرق أو من غرب، ليقولوا أن لبنان سيعود. حتى أسوأ الأنظمة تكاد تصبح أفضل من النظام اللبناني.