محليات

ما هي الاسباب التي دفعت الثنائي للتراجع عن مقاطعة جلسات الحكومة؟

ما هي الاسباب التي دفعت الثنائي للتراجع عن مقاطعة جلسات الحكومة؟

 

مع انه يصعب تجاهل تعداد الدوافع السلبية الأكثر من أن تحصر التي وقفت وراء تراجعهما أمس عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، فإنّ الإعلان المفاجئ لحركة “أمل” و”حزب الله” عن العودة إلى المشاركة في الجلسات المخصصة لإقرار الموازنة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي شكّلت واقعياً تطوّراً إيجابيّاً آخر غداة الاختراق المالي الذي شهدته البلاد، بل إنّ هذا التطور يمكن أن يشكّل تحصيناً سياسيّاً لإمكان المضي أولاً في تثبيت تراجع سعر الدولار في السوق السوداء وما يستتبعه من تخفيض في أسعار المواد الأساسية. ومن الجهة السياسية والحكومية الأخرى الأكثر دلالة على أهمية إعادة إحياء مجلس الوزراء، فإنّ إقرار الموازنة وخطة التعافي المالي والاقتصادي وما يتصل بتحسين الأوضاع المعيشية سيفتح الباب امام انطلاق المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي بما يعمم مناخات أولية من الإيجابيات التي تعول على هذه الخطوة.

فما الذي دفع بالثنائي الشيعي فجأة إلى اتخاذ هذا القرار؟ وهل هو فعلاً استجابة للقطاعات الاقتصادية والنقابية والمهنية؟

مما لا شك فيه أنّ السبب الأول والأهم في اتخاذ الثنائي الشيعي قرار فك أسر مجلس الوزراء في ملفَي الموازنة وخطة التعافي يعود إلى كونهما لم يعودا في المقام الأول قادرين على تحمل المسؤولية الحصرية الثقيلة والمكلفة جدّاً شعبيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً وداخليّاً وخارجيّاً عن تبعات تعطيل مجلس الوزراء فيما البلاد تنزلق بخطورة عالية نحو أخطر مراحل الانهيار. وبدا ذلك واضحاً في البيان الذي أصدره الثنائي لجهة إصرارهما على فك الارتباط بين موقفهما من المحقّق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وموافقتهما على جلسات لإقرار الموازنة وخطة التعافي. ولكن ذلك لم يحجب التساؤل لماذا لم يتخذ الثنائي موقف الفصل بين الملفين أساساً ولماذا الآن؟

فهل أيقن أنّ الدوائر دارت ضدهما في التعطيل، أم أنّ الدوافع الانتخابية لعبت دورها أيضاً باعتبار أنّ بيئة الثنائي ليست مستثناة إطلاقاً من تداعيات الكارثة التي تتدحرج في كل لبنان ولا تستثني طائفة ولا منطقة ولا فئة وقد ناء الثنائي بكلفة التعطيل الذي افتعله في أسوأ الظروف؟ وإذا كان بعض التقديرات الفورية لتراجع الثنائي ربطه بابعاد خارجية تتصل بتطورات المفاوضات في فيينا ربطاً “بمرونة” إيرانية مزعومة فان ذلك يبدو في حاجة إلى التريّث، لأنّ التطورات الداخلية تبدو الدافع الأبرز

وقد جاء في البيان الذي أصدرته حركة “أمل” و”حزب الله” مساء أم: “”يمر بلدنا الحبيب لبنان بأزمة اقتصادية ومالية لا سابق لها تتمثل على وجه الخصوص بانهيار العملة الوطنية، وحجز أموال المودعين في المصارف اللبنانيه، والتراجع الكبير في الخدمات الأساسية خاصة في قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم، وسط أوضاع سياسية معقّدة على المستوى الوطني والإقليمي، وما له من انعكاسات خطيرة على المستويات المعيشية والاجتماعية والأمنية”، مؤكدان أنّ “المدخل الرئيسي والوحيد لحل الأزمات المذكورة وتخفيف معاناة اللبنانيين هو وجود حكومة قوية وقادرة تحظى بالثقة وتتمتع بالإمكانات الضرورية للمعالجة، وقد بذلنا بالتعاون مع سائر الفرقاء جهوداً حثيثة وقدمنا تنازلات كبيرة لتسهيل تشكيل الحكومة الحالية بعد أشهر طويلة من المراوحة والخلافات”.

وأضافا في البيان: “لكننا إزاء الخطوات غير الدستورية التي اعتمدها المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت والمخالفات القانونية الفادحة، والاستنسابية، والتسييس المفضوح وغياب العدالة وعدم احترام وحدة المعايير ، وبعد إعاقة كل المحاولات القانونية والسياسية والشعبية لدفع المحقق العدلي ومن يقف خلفه إلى العودة إلى الأصول القانونية المتبعة وجدنا أنّ تعليق مشاركتنا في مجلس الوزراء هو خطوة سياسية ودستورية تهدف الى دفع السلطات التنفيذية المعنية إلى إيلاء هذا الموضوع عناية قصوى إنصافا للمظلومين ودفعاً للشبهات وإحقاقاً للحق”.

وأكد الثنائي “أمل” و”حزب الله”، في بيانهما، “الاستمرار في مواصلة العمل من أجل تصحيح المسار القضائي وتحقيق العدالة والإنصاف، ومنع الظلم والتجني، ورفض التسييس والاستنساب المغرض”، مطالبين “السلطة التنفيذية بالتحرك لإزالة الموانع التي تعيق تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وفق ما يفرضه الدستور ومعالجة الأعراض والظواهر غير القانونية التي تتعارض مع أحكامه ونصوصه الواضحة وإبعاد هذا الملف الإنساني والوطني عن السياسة والمصالح السياسية”

وأضاف بيانهما المشترك: “لقد تسارعت الحداث وتطورت الأزمة الداخلية سياسياً واقتصادياً إلى مستوى غير مسبوق مع الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية وتراجع القطاع العام وانهيار المداخيل والقوة الشرائية للمواطنين، ولذا فإننا، استجابة لحاجات المواطنين الشرفاء وتلبية لنداء القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية، ومنعاً لاتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الأكثر حرصاً على لبنان وشعبه وأمنه الاجتماعي، نعلن الموافقة على العودة إلى المشاركة في أعمال مجلس الوزراء من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى