أول أيام 2022: اجتياح كورونا ومبارزة سياسية جديدة
أول أيام 2022: اجتياح كورونا ومبارزة سياسية جديدة
سنة جديدة بدأت وأخرى راحلة أفلت ولبنان عالق في دوامة الامل بالخروج من سلاسل الانهيارات والأزمات والواقع القاسي الذي يشده دوما الى الخيبات.
ووسط شلل سياسي ومؤشرات تنذر بمزيد من التعقيدات في أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء، استقبل لبنان السنة 2022 بعداد كورونا مسجلاً اعلى الأرقام القياسية في اليوم الأخير من سنة 2021 اذ سجلت 4290 إصابة و17 حالة وفاة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. بذلك، وبعدما بات معدل الإصابات خارقا سقف الأربعة الاف يوميا بدا لبنان في سباق مع قرار الاقفال القسري الذي امتنعت الحكومة حتى الآن عن اتخاذه لتمرير فترة الأعياد ولكن مع الأعداد الكبيرة المتوقعة من المصابين بعد ليلة #رأس السنة والوضع الكارثي الذي ستتعرض له المستشفيات المنهكة فان امكان الاضطرار الى اتخاذ تدبير الاقفال العام قسرا مجددا سيصبح كبيراً جداً.
اذن تقدم الهاجس الصحي على أولويات الازمة السياسية في اليوم الأخير من السنة في ما بدا سباقا مؤلما للبنانيين بين الازمات المنهمرة فوق رؤوسهم علما ان الازمة السياسية – الحكومية تبدو مع اليوم الأول من السنة الجديدة، والى ان يبرز عامل تسوية لم تكتمل بعد بين مكونات السلطة، مرشحة لمزيد من التفاقم والتعقيد في ظل تجدد التجاذبات بل والتحديات بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب في موضوع فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب .اذ انه وسط الاجواء المبلدة حكوميا،يُفتتح العام باشتباك رئاسي جديد، ساحتُه مجلس النواب هذه المرة.
ففي مقابل تكبيل مجلس الوزراء، يحاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تكبيل مجلس النواب علّ هذه الخطوة تدفع الثنائيَ الشيعي الى التراجع. فهو يبدو، بحسب المصادر، لن يوقّع مرسومَ فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، ما يمنع انعقاده. لكن إحجامَه هذا، يعرّي ايضا النوابَ المستدعين للمحاكمة من قِبل القاضي طارق البيطار، اذ تسقط عنهم حصاناتُهم حكما خارج العقد العادي للمجلس. من هنا، اطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري العمل لجمع تواقيع اكثرية النواب على عريضة تطلب فتحها علما ان توقيع العريضة من ٦٥ نائبا سيجعل موافقة رئيس الجمهورية على مرسوم فتح الدورة الزاميا.
ولهذه الغاية، نشطت الاتصالات بين عين التينة وكليمنصو وتيار المستقبل لجمع هذه التواقيع. كما ان المصادر تشير الى ان ثمة مساع أجريت لضم “الجمهورية القوية” الى هذه العريضة، غير ان “القوات اللبنانية” تشترط الاطلاع على بنود الجلسة النيابية العتيدة. فاذا تضمّنت اي قرار يقيّد صلاحيات المحقق العدلي طارق البيطار، فإن نوابها لن يوقّعوا.
وفي السياق السياسي، تترقب الأوساط المعنية مع بداية السنة ما سيعلنه تباعا كل من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الاحد، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاثنين، بما يفترض ان يبلور صورة مسار الامور بين الحليفين اللذين اهتزت علاقتهما بقوة أخيرا اقله ظاهرا ، وتاليا مصير انضاج التسوية.
وفي انتظار ما يمكن ان تفرزه هذه الاتصالات، غرد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر “تويتر” كاتبا “بالامل والايمان سنستقبل عاما جديدا نتمناه مليئا بالصحة والخير والعافية لجميع اللبنانيين، وكلنا أمل بأن تتوحد كل الارادات لنتعاون في ورشة النهوض بلبنان مما يمر به من صعوبات ومشكلات، وباذنه تعالى ستزول المحنة ويتعافى وطننا ويستعيد اللبنانيون حياتهم الطبيعية”.
كما ان قائد الجيش العماد جوزف عون عايد اللبنانيين لمناسبة رأس السنة، قائلاً: “فلتكن أمنياتنا لعام جديد يسوده السلام والاستقرار لوطننا، وفرصة جديدة للحوار والمصالحة”.
وأضاف: “عهدٌ منّا أن الجيش سيبقى صلباً ومتماسكاً وقادراً على القيام بمهمته المقدّسة”.
وأشار إلى أنّنا “نطوي الليلة صفحة 2021 مع كل مآسيها وأزماتها، علّ 2022 تحمل معها الخير لجميع اللبنانيين، ومنهم العسكريون الذين لا يزالون يتمتعون بالإرادة والعزيمة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة”.
كما ذكّر عون بـ”كلّ العائلات التي فقدت أحبّاء لها هذا العام، عسى أن يحمل العام المقبل العزاء لقلوبهم”.
وبدا لافتا الموقف الذي اعلنه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان امس من أن “باب الحل لمن يريد الإنقاذ يبدأ بكسر التصلب، والجلوس المنتج بين الأقطاب المؤثرين. وباعتقادنا أن مفتاح الحل السياسي الكبير يبدأ بتسوية وطنية كبيرة بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري بثلاثية الرئيس نجيب ميقاتي، وما دون ذلك، الإغلاق السياسي سيفتك بالبلد، وأي تسوية وطنية يتفقان عليها ستفتح البلد سياسيا، وتدفع الحكومة بالشراكة مع الرئيس ميقاتي وباقي أركانها، إلى أخذ قرارات كبيرة على المستويات المالية والمعيشية، بما فيها كبح الدولار الأسود وإنعاش الأجهزة والمؤسسات الحكومية، وبخاصة أن الاستقرار النقدي والبدء بورشة حلول فعلية يرتبطان بالاستقرار والتعاون السياسي. أملنا بذلك كبير، وربما يكون ذلك هدية الرئيسين لكل لبنان”.
وبدوره، دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب “الى التبصر والعمل على ايجاد الحلول للمشاكل، وفي مقدمها حل عقدة البيطار التي حرفت المسار القضائي وتسببت بأزمة حكومية ينبغي معالجتها بتصويب النهج القضائي وايجاد آليات دستورية وقانونية تعيد الثقة بالقضاء وتحقق العدالة من خلال كشف المتورطين والمتسببين في كارثة المرفأ ومعاقبتهم حفظا لدماء الشهداء وصدقية القضاء”. وقال: “نحن اذ نؤكد ان تطبيق القانون هو السبيل الوحيد لانتظام عمل المؤسسات، فلا يمكن ان تتم محاكمة الوزراء والنواب خارج الاطر الدستورية، ولا يمكن عقد جلسات حكومية غير ميثاقية، في المقابل فان المسؤولين مطالبون بتكثيف المشاورات لايجاد مخارج قانونية تفعل المؤسسات وتطبق القانون بما يطلق عمل الحكومة لتكون المنطلق الصحيح لمعالجة الازمات المعيشية والاقتصادية على كثرتها وتراكمها”.