محليات

لودريان في بيروت.. عقوبات أم استطلاع آراء؟

لودريان في بيروت.. عقوبات أم استطلاع آراء؟
علي الحسيني | 2021 – أيار – 05

على بعد ساعات من الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت، والتي سيلتقي خلالها كلاً من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب والرئيس المُكلّف سعد الحريري، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات المؤثّرة بشكل مُباشر في ملف تأليف الحكومة، بدأ الحديث عن العقوبات التي ستفرضها الدولة الفرنسية على عدد من السياسيين اللبنانيين المُتّهمين بعرقلة التأليف، يأخذ الحيّز الأبرز من النقاشات، خصوصاً حول هوّية هؤلاء الأشخاص، على الرغم من تقليل البعض لهذه الخطوة، خصوصاً وأن خطوات مُماثلة كانت قد اتُخذت، لكنها لم تصل بعد إلى طريق التنفيذ.

ثمة رأي فرنسيّ موحّد اليوم، يقوم على وجود فريق لبناني، يُمعن على الدوام بضرب المبادرات الخارجية والداخلية، ولا يرضى حتّى بأنصاف الحلول في ملف تأليف الحكومة، حتّى أنه بات لدى باريس قناعة تامّة، أن هذا الفريق يُصرّ على ربط ملفات الداخل، بالنزاعات الخارجية، إنطلاقاً من مبدأ يقول بأن “التسهيل هنا يجب أن يُقابله تسهيل هناك”، والمقصود بـ”هناك” المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية حول الملف النووي الإيراني. وانطلاقاً من الغوص الفرنسي في أعماق السياسة اللبنانية الداخلية، جاء تهديد لودريان الأخير للسياسيين “إن لم تضطلعوا بمسؤولياتكم، فلن نتردّد في الإضطلاع بمسؤولياتنا”.
القول بأن في لبنان فريقان يتنازعان السلطة والصلاحيات، ويسعيان لانتزاع أكبر عدد مُمكن من الحقائب الوزارية، هو أمر لا يحتاج إلى تأويل ولا إلى جهود إستثنائية، فمن الواضح أن الإنقسامات السياسية والحزبية، قد انسحبت على المؤسّسات الرسمية حيث أن كل فريق من هؤلاء، يسعى إلى تثبيت نفسه وتكريس وجوده، من خلال تعطيل أي استحقاق لا يتناسب مع طموحاته، وبالتالي يتعمّد المُماطلة ضمن عملية كسب الوقت، من أجل تحسين شروطه وتحقيق ما يُمكن تحقيقه بشكل مناف لطبيعة ما يجب أن تكون عليه الحياة السياسية، نظراً لافتقار الدستور اللبناني إلى فقرات واضحة وصريحة تحول دون كل هذه الممارسات، وتضع حداً لعمليات التعطيل المُمنهجة.
إذاً، ما ينتظره اللبنانيون من الدولة الفرنسية، وتحديداً من رأس ديبلوماسيتها خلال زيارته المُقرّرة، هو رفع بطاقة العقوبات في وجه أي فريق يمنع تأليف الحكومة، علّ هذا الأمر يرفع عنهم كل ما يعيشونه اليوم بسبب ممارسات هذه السطلة. لكن هل ستجري رياح السياسيين عكس ما تشتهي سفن الشعب؟
بحسب مرجعية ديبلوماسية سابقة، خبرت لفترة طويلة من الزمن كيفية إدارة شؤون البلاد على يد “التوليفة” التي ما زالت تتحكّم بالبلاد و”رقاب” العباد، فإن “ما نعيشه اليوم لا يُبشّر بالخير، خصوصاً في ظل السلوك نفسه والسياسيات المُتّبعة منذ حقبة طويلة، خصوصاً أنه لا يُمكن أن نجد بلداً في العالم يُمكن لحكّامه أن يتصرّفوا بالطريقة التي يتصرّف بها حكّام لبنان، وكأنه لا أزمة إقتصادية أو معيشية أو عُملة منهارة، ولا حتّى وباء يحصد الأرواح بهذا الشكل الجنوني. وهذا يدلّ على أن الطبقة الحاكمة في كوكب، والشعب في كوكب آخر”.
وحول زيارة لودريان إلى لبنان، وما سيحمله معه من حلول سواء سياسية أو تلويح بعقوبات، يُشير المرجع نفسه إلى أنه “إن لم يكن هناك وفاقاً داخلياً، لا يُمكن للخارج أن يكون بديلاً عنّا، لذلك يجب البحث في نوايا السياسيين اللبنانيين لأن الدور الفرنسي يقتصر على التسهيل فقط، والدليل على كلامي هذا، أن الرئيس إيمانويل ماكرون زار لبنان مرتين، ماذا قدّم أو بالأحرى ماذا أنجز هؤلاء السياسيون من الوعود التي تعهدوا بها أمامه”.
أمّا في ملف العقوبات الفرنسية المُحتملة، يوضح المرجع الديبلوماسي السابق، أن “لودريان لن يحمل معه عقوبات خلال زيارته لبنان، بل أن زيارته تقتصر على البحث مع المعنيين في ملف تأليف الحكومة، وسوف يسألهم عن وعودهم في السعي إلى تحرير التأليف من أيديهم، بالإضافة إلى مُراقبته مدى جدّية المسؤولين في عملية التأليف. وفي هذا الشقّ تحديداً، لا أعتقد بوجود جدّية فعلية لديهم لإنجاز هذا الملف، وخير دليل اختلاف السلطة على ملف تفجير المرفأ وتهريب الأموال والتحقيق الجنائي وانهيار العملة والمسؤول عن الحالة الإجتماعية التي وصلنا إليها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى