محليات

تداعيات تسريبات ظريف على المؤسسات الإيرانية

 

 

 

 

تداعيات تسريبات ظريف على المؤسسات الإيرانية
الحرة | 2021 – أيار – 03

 

لا تزال التسريبات الصوتية لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، التي تحدث خلالها عن دور الحرس الثوري الإيراني في السياسة الخارجية لبلاده، تثير الكثير من الجدل داخل طهران بعد أسبوع من نشرها.
فمع استمرار الجدل، تبدى شرخ بين صانعي السياسة الإيرانية، بحسب خبراء تحدث معهم موقع “الحرة”، ما دعا المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، ليخرج الأحد، عن صمته إزاء التسريبات، واصفا بعض ما ورد على لسان ظريف بأنه يمثل “خطأ كبيرا”.

ونشرت وسائل إعلام، الأحد الماضي، تسجيلا دام ثلاث ساعات، يتحدث فيه ظريف عن تدخل الجنرال قاسم سليماني الذي قتل بضربة جوية أميركية في بغداد العام الماضي، في السياسة الخارجية لبلاده، ما أثار جدلا على مدى الأيام الماضية في طهران.
ورأى الخبير في الشؤون الإيرانية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سامح راشد، أن التسريبات أحدثت جدلا واسعا، لأنه من غير المعتاد أن يظهر رأي مخالف في إيران للسياسة المعلنة.
وأوضح في تصريحات لموقع “الحرة” أن “إيران تتعامل في سياستها الخارجية وكأنها رجل واحد ومؤسسة واحدة وشخص واحد. هناك اختلاف داخلي وقائم بالفعل ولكن عند تنفيذ ومباشرة السياسة الخارجية هو رأي واحد يمارس وينفذ، ولذا عندما اتضح أن هناك بالفعل رأياً آخراً .. أثار هذه الضجة”.
وأضاف أن خروج التسريبات “جاء في توقيت حرج تواجهه إيران حاليا، سواء الانتخابات التي ذكر فيها اسم ظريف كمرشح في إطار إشاعات الترشيحات، وأيضا محادثات فيينا حول الاتفاق النووي ما زاد الموقف حرجا”.
ورأى الخبير الإيراني، علي رضا جعفر زاده، المنشق عن الحكومة الإيرانية، والذي اشتهر بكشفه عن وجود منشآت نووية سرية في إيران عام 2002، أن “ظريف يعترف صراحة في التسريبات بأن الجهاز الدبلوماسي للنظام بأكمله كان في خدمة الحرس الثوري الإيراني وأهدافه، وأن دبلوماسيي النظام عملوا كواجهة للحرس الثوري الإيراني وسهّلوا تنفيذ سياساته وأهدافه”.
المحلل السياسي الإيراني والأكاديمي في جامعة كونيتيكت، كريم كازارونيان، يقول لموقع “الحرة”: “ربما كان الشيء الأكثر إثارة للاهتمام الذي خرج من التسريبات هو اعتراف واضح من ظريف بأنه كان يحصل على إرشادات وتوجيهات وحتى أوامر من قاسم سليماني، واعتراف واضح آخر هو أن وزارة الخارجية لديها هيكل استخباراتي عسكري. فبعكس أي وزارة خارجية أخرى في العالم لديها هيكل سياسي، فإن وزارة الخارجية الإيرانية مُصمَّمة لدعم الاعتداءات العسكرية للحكومة الإيرانية في العالم”.
وجاء نشر التسجيل قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية وفي ظل مباحثات مع القوى الدولية الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي الذي كان ظريف أبرز مهندسيه.
ولقيت التصريحات المسرّبة انتقادات حادة من المحافظين المعارضين لحكومة الرئيس المعتدل، حسن روحاني.
وقال ظريف، وفق مقتطفات أوردتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية التي قالت إنها حصلت على نسخة من التسجيل، إن “في الجمهورية الإٍسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم, لقد ضحيتُ بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية”.
وترى الناشطة الإيرانية، راماش سيبراد، في حديثها مع موقع “الحرة” أن هناك “انقسامات عميقة على أعلى مستويات النظام في طهران” مما يشير إلى مدى ضعف النظام إلى نقطة اللاعودة.
على عكس ذلك، لا يرى راشد أن التسريبات تعكس شرخا كبيرا بين المؤسسات الإيرانية لإنه في كل الأنظمة هناك تباين في الآراء ووجهات نظر مختلفة، وإن كان من المعتاد أن يكون للمؤسسات السياسية في إيران، مثل وزارة الخارجية أو الرئاسة، عادة آراء أكثر اعتدالا وأكثر مرونة”.
وتابع: “فمثلا الرئيس السابق، أحمدي نجاد، كان من أكثر محافظي إيران ومع ذلك آراؤه لم تكن بنفس حدة المؤسسات السيادية والأمنية مثل الحرس الثوري والاستخبارات ومؤسسة المرشد”.
لكن زاده يشير إلى أن اعتذار ظريف لخامنئي يظهر أن الاقتتال الداخلي بين الفصائل لا يتعلق بـ”المعتدلين” مقابل “المتطرفين”، مشيرا إلى أن “هذا الواقع أزال الوهم في الغرب بوجود فصيل معتدل داخل النظام، حيث كان ظريف مجرد موظف لا أكثر ينفذ فقط توجيهات قاسم سليماني”.
وكان ظريف طلب صباح الأحد، وأيضا في منشور على انستغرام، “السماح” من عائلة سليماني، بعدما سبق له في الأيام الماضية التشديد على العلاقة الوثيقة والتعاون بينهما.
وكانت زينب سليماني نشرت عبر حسابها على تويتر الثلاثاء، صورة تظهر يد والدها بعيد مقتله قرب مطار بغداد في الثالث من يناير 2020 بضربة جوية أميركية، مرفقة إياها بتعليق “الكلفة (التي دفعها) الميدان من أجل الدبلوماسية”.
وشدد المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في السياسات الاستراتيجية، على أن وزارة الخارجية لا تتولى بمفردها تحديد السياسة الخارجية للبلاد.
وأوضح “السياسة الخارجية في كل مكان تحددها المؤسسات الأعلى من وزارة الخارجية. المسؤولون البارزون هم من يحددون السياسة الخارجية، بالطبع وزارة الخارجية تشارك أيضا”.
وأكد أن الوزارة “هي المنفذة”، مضيفا “ثمة المجلس الأعلى للأمن القومي. كل المسؤولين موجودين (فيه). القرارات تتخذ وعلى وزارة الخارجية أن تنفذها وتدفع بها من خلال وسائلها الخاصة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى