القدرة الشرائية انخفضت … كيف نقول لأطفالنا “مش قادرين”؟
القدرة الشرائية انخفضت … كيف نقول لأطفالنا “مش قادرين”؟
18 نيسان 2021
قد يكون موضوع هذا المقال صادماً ومبالغاً فيه للبعض، أو يائساً. إلا أنّ الحقيقة في لبنان مُرّة.
بين ليلة وضحاها، تغيرت نوعية حياة معظم اللبنانيين، وانقلبت رأساً على عقب من دون سابق إنذار. وإن كان الامر صعباً على الكبار، فكيف بالحريّ على الأطفال الصغار، الذين أوقعتهم سياسة الفساد مع اهلهم في هاوية الفقر.
هؤلاء الأولاد، وتحديداً الفئة العمرية بين 3 و9 سنوات، قد يواجهون صعوبة في فهم سبب تغير نوعية حياتهم بسبب الأزمة المادية، خصوصاً في ظلّ عدم قدرة أهلهم شراء الحاجيات نفسها التي اعتادوا على الحصول عليها في السابق، أم عدم قضاء الوقت في أماكن كانوا أيضاً اعتادوا عليها.
فكيف يمكن للأهل التفسير لأولادهم، عدم التمكن من تأمين الحاجات نفسها لهم، كالسابق؟
تقول الاختصاصية والمعالجة النفسية دلال بو خليل أنهم كاختصاصيين نفسيين، يحاولون أولاً، مساعدة الاهل على تخطي هذه المرحلة الصعبة. وتشير الى أن تخفيف الضغوط النفسية لديهم مهمّ جداً، لعدم نقل القلق والخوف من الأهل الى الأبناء. لذلك، يحاول الإختصاصيون النفسيون مساعدة الأهالي من ناحية الدعم النفسي والمعنوي، وتعزيز التفكير الايجابي، وتحويل الافكار السلبية الى عقلانية ايجابية وخلاّقة، مع ضرورة بث الروح الايجابية والامل، وتطوير القدرات الذاتية، من اجل تخطي هذه المرحلة.
وتلفت بو خليل الى أنه علينا ان نتذكر دائماً، أنّ أي ظرف لن يكون ابدياً وسنتخطى هذا الوضع عاجلاً أم آجلاً.
ثانياً، وبالنسبة إلى الأولاد، يجب قبل كلّ شيء، تحضيرهم نفسيّاً والعمل معهم بخطى صغيرة لشرح الموقف المادي وتهيئتهم لأمور جديدة، وعدم وقف بعض التقديمات عنهم بشكل مفاجئ. كيف؟
تشدد بو خليل على ضرورة تشجيعهم للتعبير عما يريدون، رغم كلّ الظروف. يليها، شرح الموقف للطفل مع الاخذ بعين الاعتبار عمره، وبالتالي عدم فلسفة الامور، بل طرحها بشكل بسيط جدا كي تتلاءم مع قدرة الولد الذهنية. والأهمّ على الأهل الابتعاد عن الكذب بشكلٍ كامل.
وهنا، توضح، أنه يمكن للأهل تقديم الافكار بطريقة مبسطة، من خلال سرد قصص لها علاقة أو صلة بالمشكلة الحالية، لأنها تؤثر بشكل كبير على ذهنية الطفل ومقارنة الأمور مع الواقع.
وبعد تقديم الشرح للطفل، يمكن البدء بتهيئة،الولد من خلال تعويض الأمور المادية بالأمور العاطفية ذات النوعية، وذلك، من خلال الاتجاه مثلاً الى نشاطات ترفيهية. فيمكن للطفل تحضير الحلويات في المنزل والمساعدة على إتمام بعض الواجبات.
وتلفت بو خليل هنا، الى أهمية نوعية الوقت الذي يمضيه الأهل مع الأطفال. ففي بعض الأحيان، تعويض غياب الأهل يكون بأمور مادية، إلا أن على ذلك أن يتغير اليوم.
إضافة إلى كل ذلك، هناك امكانية اشباع الحاجات من خلال كل ما هو موجود في المنزل، واختراع العاب للتسلية، وتوسيع ابتكار اللعب والترفيه. هذه الطريقة تساهم في تنمية روح الابتكار والابداع وحس الاستكشاف عند الأطفال.
أما الآن، وفي حال وجود الأهل في مواقف معينة، في السوبرماركات أو أحد المحال، وطلب أولادهم منهم شراء غرض ما لا قدرة مادية لهم على شرائه، تشير بو خليل الى بعض الحلول.
هذه الحلول قد تكون مثلاً إتاحة بعض الخيارات أمام الأولاد، خصوصاً للفئة العمرية الصغيرة. بذلك، يكون الطفل هو اختار بنفسه. ومن الممكن تحديد بعض انواع الحلويات، ويستطيع الطفل اختيار واحد او اثنين من الاصناف المسموح بها، والمتفق عليها سابقاً.
حلّ آخر لمن هم ضمن فئة عمرية أكبر، ويتمثّل بتعليم الطفل روح أو حسّ المسؤولية، فيُعطى مثلا مبلغاً من المال (5000 ليرة لبنانية مثلا) لشراء ما يريد. وتقول بو خليل، إن الولد في هذه الحال، سيشعر بالمسؤولية، ويتفهم الوضع، عندما يتم تحديد يوم أو يومين في الاسبوع، لإعطائه المبلغ نفسه، لشراء ما يريد. وبهذه الطريقة، سيشعر بتغيّر الاسعار.
إضافة الى ذلك، من المهم جداً تأمين الظروف السليمة لنموهم النفسي والعاطفي، ليعيش الولد بأمان قدر الامكان. من دون أن ننسى فكرة عدم ادخال الطفل في امور لا يفهمها، فلا ضرورة لشغل باله في أمور أكبر من عمره. كما من الضروري أن نقدم لاطفالنا العاطفة والحب والطمأنينة، فما لا يشتريه المال أثمن بكثير ممّا يشتريه.
مايا عيد