متفرقات

لـ”قانا” ألف حكاية.. قصة الشاب #محمد_برجي الذي فقد اهله ونجا من المجزرة المأساة

لـ”قانا” ألف حكاية.. قصة الشاب #محمد_برجي الذي فقد اهله ونجا من المجزرة المأساة
📝بقلم: علي نعمة

هي أجساد حوّلتها تلك الصواريخ الحاقدة والفاسدة الى أشلاء، سرقت من الأطفال أحلامهم، من لعبة يلهون بها وبسمة يلهثون ورائها الى الحياة الأبدية أو الى الإعاقة الدنيوية.

الثامن عشر من نيسان عام ١٩٩٦، تاريخ نزل كالصاعقة على مسامع العالم، ولكّنه لم يهّز ضمائر المجتمع الدولي ولا الحكام العرب.

ذلك المكان حيث احتموا فيه، تحول وبلفتة عين الى مشهد دموي، لن تمحوه أي إدانة ولاحتى عقوبة، لقد رحلوا وانتهت الحكاية، ولكن من بقي منهم.. لن ينسى.. تلك الاجساد المطروحة أرضا وصراخ الأطفال وعنين الامهات.

لقانا ألف حكاية وحكاية، لوجعها ألف غصّة وغصّة، و”محمد برجي” ابن تلك القرية الموجوعة، هو واحد من بين المئات التي شهدت على تلك الفاجعة، لقد نجا بأعجوبة ولكنه خسر أهله.

فأي ظلم هذا الذي حمله ليرى أهله شهداء أمام عينيه، وأي قوة هذه التي جعلت منه رجلا صبورا قبل بقضاء الرب “وهل من رحمة افضل من الشهادة في سبيل الوطن”؟.

“هي الليلة الأخيرة التي مضيتها بجوار أمي، ذهبنا الى مركز اليونفيل لنحتمي لكن ظلم العدوان لم يردعه أي رادع”، بهذه الكلمات يبدأ “محمد” قصّته مما رسخ في الذاكرة.

يقول “كان عمري خمس سنوات، وكنا نلعب أنا وأصدقائي الأطفال، الذين سرقتهم مني تلك المأساة، منهم من استشهد ومنهم من أصيب بإعاقة جسدية”.

يخفت صوت محمد قليلا، ليقول “لقد خسرت عائلتي، خرجت ورأيتهم على الأرض اجسادا هامدة”، ليعود ويرفع صوته “الحمدالله على كل حال… إنهم شهداء وكلّي فخر بذلك”.

وحينما تسأله عن والدته، يحبس الصوت وفي النفس غصة، يكابر على البكاء ” هذه الصورة لن أنساها … كانت هناك ملقاة أرضا … حرمتني منها صواريخهم الهمجية الفاشلة”.

صور كثيرة لا ينساها “محمد”، جعلت منه رجلا قويا اكمل درب الحياة، ليثبت أن دماء الابرياء لا تذهب هدرا، وان الظلم يبني رجالا مهما مرت بهم المآسي.

“محمد”، الذي أراد أن يوصل رسالة للعالم، من خلال تجربته، ليقول “مهما وصل الظلم حدّه.. ستشرق شمس الحرية والحق يوما.. فصبرا يا أطفال العالم المظلومين، لكم في السماء أحبة ينتظرونكم لتلهوا سويّا… ولكم في الأرض إخوة صبروا وجعلوا من الجرح قوّة”

هذه “قانا” التي سطرت التاريخ بدم نقي روى أرضا قالت للعالم أجمع “أنتم ترحلون وأنا باقية”، لا أريد إداناتكم ولا أريد تعاطفكم، إني زرعت أجسادا فنت نفسها لأبقى.

لأطفال قانا… كل التحية… كي لا ننسى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى