لإحتياطي الإلزامي والذهب في خطر… لن يتوقّف الدعم مهما كان الثمن!
لإحتياطي الإلزامي والذهب في خطر… لن يتوقّف الدعم مهما كان الثمن!
عملية تفقير الشعب اللبناني مُستمرّة وأهم فصولها مهزلة سلفة الكهرباء التي تتكدس على مرّ الأزمان مع فساد طبقة همها الوحيد البقاء على عرش الحكم ولوعلى أنقاض دولة مفككة مهترئة… يضاف إلى هذا الجنون، جنون من نوع آخر يرأسه التُجّار الذين يستنزفون مداخيل المواطنين عبر رفع الأسعار عن غير وجه حقّ، والمافيات التي تقوم بعمليات تهريب السلع والبضائع، والعصابات التي تُتاجر بالدولار وتحتكره، والسلطة الغائبة عن كل شيء إلا عن الفساد، والخلافات السياسية المُستفحلة والتي تُعيق تشكيل حكومة، وشدّ العصب الحزبي الذي يمنع أي تغيير، وفي خضم هذا المشهد السريالي تستمر عملية شفط مُدّخرات اللبنانيين بعدّة أشكال.
أكثر من 5000 ليرة كيلو البطاطا في السوق بعد أن كان بحدود الـ 500 ليرة! سعر ربطة الخبز 3000 ليرة؛ سعر حبة الخس بلغت 4000 ليرة بعد أن كانت الثلاث ربطات بألف ليرة؛ الحليب بـ 50000 ليرة، الخيار بـ 6000 ليرة، البرتقال 12000 ليرة، الموز 6000 ليرة؛ 45 ألف ليرة كرتونة البيض مقارنة بـ 27 ألف ليرة سعرها في المزارع؛ إنه الإجرام بحدّ ذاته!
إذا كان مدخول عائلة من أربعة أشخاص هو مليون ليرة لبنانية شهريًا، فإن هذه العائلة محكومة بالإعدام! فتناول منقوشة فقط على مدار الشهر يُكلّف هذه العائلة مليون ونصف المليون ليرة! الفقر أصبح واقعًا ملموسًا يعيشه اللبناني كل يوم حيث إنه في الماضي كان يرى المتسوّلين عبر نافذة سيارته، ليرى نفسه الآن يواجه هذا الفقر في سيارته المعطلة الفارغة من الوقود المحتاجة إلى الصيانة الدورية التي ما عادت تكفيها المُدّخرات التي جمّعها بشق الأنفس طيلة ثلاثة عقود.
الدعم الذي يُقدّمه مصرف لبنان لشراء المواد الغذائية يذهب قسمه الأكبر إلى التهريب في دول عديدة مثل السويد وسوريا وأستراليا ودول أفريقية وأسيوية أخرى. كل هذا تحت أنظار سلطة نائمة في أحسن الأحوال ومُتواطئة في أغلب الظنّ. والأصعب في الأمر أن القرار السياسي الذي هو ملك السلطة التنفيذية لقمع التهريب والمخالفات غير موجود مع إصرار حكومي فاضح للإستمرار بإستنزاف إحتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية، هذا الأمر ظهر إلى العلن مع إقرار مجلس النواب سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان، هذه المؤسسة التي إستنزفت أكثر من 45 مليار دولار أميركي أي ما يُقارب نصف الدين العام!
وقد أشار مصدر رفيع لجريدة الديار أن هناك رغبة لدى العديد من القوى للإستمرار بدعم إستيراد المواد والسلع الأساسية حتى ولو إضطر الأمر إستعمال الإحتياطي الإلزامي الذي هو 15% من ودائع المودعين بالعملة الصعبة ومن بعده المعدن الأصفر، إذ لمثل هذه الأيام يفتقد القرش الأبيض، وهل من سواد ليل أكثر مما نشهده الآن على جميع الأصعدة؟ ومن المعلوم أن هذه المقولة كانت لتصح لو كان المراد الحقيقي من الاستخدام هو منع تجويع الشعب، لا تكديس ثروات البعض والحفاظ على عروش الظلم والعدوان. هذا الأمر يُظهر إلى العلن إمعان السلطة في مُخطّطها تفقير الشعب إمّا لأنها تريد إسكات الشعب وتفادي الثورة أو لظنها أن هناك ثروة نفطية ستسمح للدولة بإستعادة عافيتها يوماً من الأيام. أوليست فينزويلا دولة نفطية أيضاً؟
المُشكلة في هذا التوجّه الحكومي يكمن في أن هذه الأموال سيتمّ إستخدامها في عملية شراء السلع من دون أي خطّة للخروج من الأزمة! وهذا يعني أنه وبعد إستنزاف هذه الأموال سيجد لبنان نفسه في وضع أصعب نظرًا لعدم وجود أي أصول يُمكن إستخدامها في عملية النهوض، وهذا من الناحية التقنية سيرفع معدل فائدة الإقراض التي إن تمت من قبل البنك الدولي لفقدان إحدى ضمانات استرداد القروض. أضف إلى ذلك أن إستخدام الإحتياطي الإلزامي سيجعل عملية إسترداد المودعين أموالهم عملية شبه مُستحيلة، يضاف إلى ذلك أن السعي في بيع الذهب لن يكون عملية سهلة نظرًا للقيود التي تفرضها الإدارة الأميركية على دخول الدولارات إلى لبنان.
الديار