متفرقات

الفقراء بين فكي الجوع وكورونا بقلم سوسن درويش

 

الفقراء بين فكي الجوع وكورونا
اوصت لجنة الصحة البرلمانية بالاقفال التام في ظل ما وصفته بالوضع الكارثي لمعظم مستشفيات بيروت وبقية المحافظات التي وصلت الى اعلى مستوى في القدرة الاستيعابية .
وتأتي التوصية بالاقفال مع توقعات استمرار ارتفاع عدد الاصابات خلال الاسبوع المقبل بعد ما شهد البلد من فوضى خلال فترة الاعياد.
ومن المؤكد ان الارقام المرتفعة التي نراها حاليا هي نتيجة الإختلاط الذي حصل خلال فترة عيد الميلاد.
اما نتائج سهرات رأس السنة فمن المتوقع ان تظهر بعد اسبوع نتيجة الاستهتار الذي حصل واوصل لبنان الى السيناريو الايطالي. فمسؤولية المواطن تضاهي مسؤولية الدولة،لا شك في ذلك،والسؤال هنا:”اما كان بإستطاعة الدولة اللبنانية فرض قرارات بإقفال البلد بمناسبة الميلاد ورأس السنة؟.
فمصاب الكورونا هو المواطن اللبناني بمختلف طوائفه، والسؤال الاكبر هنا ؛”هل الدولة اللبنانية المفلّسة وبهذا الوضع الإقتصادي المنهار تستطيع ان تكمل بقرار الاقفال؟ في الوقت الذي تعكس الرفوف الفارغة في عدد كبير من الصيدليات حجم الازمة التي يعاني منها القطاع الصحي وبالتحديد قطاع الصيدلة الذي دعا المواطنين إلى تخزين الدواء استباقا لرفع الدعم ،ومع صدور قرار الاقفال العام ضمن اجراءات التعبئة العامة،والذي استثنى فيه عدداً من القطاعات والمؤسسات الاستشفائية والصحيّة والقطاعات الغذائية والصناعية والزراعية والمرفأ والمطار والى آخره…مع اخذ هذه المؤسسات للإجراءات الوقائية اللازمة، ألم يكن بالإمكان فتح باقي القطاعات والمؤسسات مع التزامها ايضا بالاجراءات الوقائية اللازمة؟
هل برأيكم الكورونا هي السبب الوحيد الذي سيؤدي إلى الموت؟
مع كامل احترامي لوزير الصحة وكامل تقديري لجهوده المبذولة انا مواطنة لبنانية كباقي المواطنين نعاني بسبب عدم قيام الدولة بكامل مسؤولياتها تجاه المواطنين اصبح حلمنا ان نجد بنادول في الصيدلية وادوية الامراض السرطانية فُقدت،فهل اصبح السبب الوحيد للوفاة هو فيروس كورونا ؟ ،فالجوع الذي يطرق باب الفقراء الا يؤدي الى الموت؟ المواطن اللبناني الفقير الذي يقتات من أجر يومه ليطعم اولاده ماذا عن حاله؟ في ظل دولة لا تأمن له قوته اليومي،دولة منهوبة ومسروقة،تنهار والى قاع الافلاس والفشل.
وايضا اريد ان الفت النظر الى موضوع البلديات في ظل الحجر الصحي من المفروض ان تقوم البلديات بدورها على كافة الصّعد من تأمين القوت اليومي الى تأمين الدواء،فإن غالبية البلديات وللاسف لم تقم بأقل واجباتها تجاه الناس وحتى لا نظلم الجميع هناك بلديات كثيرة ومنهم بلدية النبطية الفوقا على سبيل المثال قامت بتأمين حصص غذائية للناس وايضا الناس المحجورة في بيوتها والمصابة بالكورونا تمّ إستفقادها وتأمين لها قوتِها اليومي وتأمين الدواء لها الامر الذي لم نشهده مع البلديات الاخرى للاسف. وازاء ذلك نحن المواطنين المحاصرين بين فكي الكورونا والفقر وبين مطرقة الاقفال وسندان البطالة نطالب بايجاد حل لأزمة الموت التي تحاصرنا من كل صوب وذلك يكون بتفعيل دور البلديات والجمعيات بتحمل مسؤولياتها او فتح البلد مع الإلزام بالاجراءات الوقاية الصحيّة اللازمة وتطبيق محضر لكل شخص لا يلتزم بالكمامة وبشروط السلامة العامة
والا فنحن امام مشهد كارثة اجتماعية اكبر واصعب من كارثة كورونا فالذين يتضورون جوعا في بيوتهم من عائلات العاملين باليومية يفوق عددهم اليومي عدد مصابي جائحة كورونا وهناك موت احمر يحصر الفقراء في ظل قرار الإقفال الذي جاء بنتائج خطيرة ومعاكسة للمرجو منها.

فالمواطن الذي يخرج قهرا لتأمين قوت عياله اليومي وهو بالاصل عاجز عن تأمينه كيف سيستطيع تأمين ودفع قيمة المخالفة المسطرة بحقه نتيجة مخالفته لقرار الاقفال.
ونحن نعلم ان القرار هدفه انساني في حماية المواطنين بالدرجة الاولى.
واخيرا نقول بإننا جميعا تحت القانون ونحن ملتزمون بالقرار ولكن ننبه الدولة كي تحمينا وتؤمن لنا قوتنا اليومي وان تقوم بواجباتها الاستشفائية والصحية تجاه المواطن، فعدد العائلات التي اصابها الفقر تجاوز عدد المصابين بجائحة كورونا نتيجة الأزمة الإقتصادية التي زادها تدهورا اجتياح الكورونا و اللبنانيون مهددين بالجوع بسبب إجراءات الاغلاق المتصلة بالوباء مع غياب برنامج انساني للحكومة يعمل على التخفيف عن كهل المواطن وعلى وجه السرعة ومثلما تحرص الدولة على مواطنيها وتعمل على حمايتهم من فايروس كورونا عليها ان تحميهم من فايروس الفقر واجتياخ الجوع لاغلب العوائل وذلك لن يتحقق الا من خلال وضع خطة انقاذ انسانية تتحمل فيها البلديات والمؤسسات مسؤولياتها لمد يد العون للناس وتحصين المجتمع وتقديم المساعدات والا سنكون امام مشهد كارثي ينبئ باجتياح قاتل سيحصد الفقراء بسيف الجوع وليس بجائحة كورونا
سوسن درويش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى